مما لاشك فيه أن في السودان كثير ممن يترحمون على أيام البشير ( الرئيس المخلوع السابق ) الذي جاء عن طريق إنقلاب وأطيح به في إنقلاب عسكري ،فهم لايترحمون إلا للإستقرار النسبي الذي ميز عهده
يشهد السودان حاليا نوع فريد من الحرب الأهلية ، ليس كما عهدناه في المنطقة ” نظام ومعارضة ” ومن المحتمل
أن البشير بكل أخطائه وكوارثه أدرك وتجهز لإحتمالية وقوع إنقلاب عليه ، فهو من أسس قوة موازية للجيش
شبه رسمية ، لإخماد التمردات الداخلية في دارفور ، عرفت بقوات الدعم السريع والتي هي حاليا طرف أساسي في الصراع الحالي
فزرع بذلك قنبلة موقوتة ، إذ أن تاريخ السودان مابعد الإستقلال ملطخ بالإنقلابات العسكرية ، رغم أنه يعد في الشكل والتصنيف جمهورية ديمقراطية تعددية
الأهمية في السودان كبيرة
السودان بلد شاسع المساحة ، عبارة عن سهول وأراضي منبسطة ، يعانق فيها الخصوبة بالأراضي المقفرة
يتمتع السودان بموقع مميز جغرافيا جعله هدفا لأطماع قوى إقليمية ودولية ، تريد موطئ قدم لها في أفريقيا
فهو يطل على طرق التجارة البحرية الدولية ويعد بوابة الوصول لوسط أفريقيا ، علاوة على امتلاكه موارد طبيعية كالذهب
من المرجح أن يطول الصراع الحالي الدائر مابين قائد الجيش السوداني ( عبدالفتاح برهان ) ومابين قائد قوات الدعم السريع ” سيئة السمعة ” ( محمد دقلو ) الملقب كذلك ب ( حميدتي ) .
أبلغ عن مجازر قتل وكذلك حالات إغتصاب تنتهك حقوق الإنسان ، تدخل القوى الخارجية للإستثمار في الصراع الحالي
يطيل أمد الحرب ومعاناة السودانيين ، يهدف كل طرف ومعادلة إلى إلحاق الهزيمة العسكرية بالآخر ، ليتفرد كما يريد بالسلطة
ويحكم السودان سياسيا ، كما يجري حاليا معارك كر وفر للإستيلاء على الأراضي وضمها .
الأطراف الدولية المشاركة في الصراع
في أحدث تقرير ذكرت وكالة بلومبرغ بأن الجيش السوداني أشترى طائرات مسيرة إيرانية ، لتندلع معها الإيرانوفوبيا مجددا ويخرج بعض الشخصيات الإعلامية الإسرائيلية محذرا وموبخا ، رغم أنها تبدو فقط كصفقة تجارية
وبحسب محللين ، تشارك أطراف دولية بشكل غير مباشر في النزاع السوداني الحالي ، فتصطف كل دولة مع أحد أمراء الحرب الحاليين
فيذكر أن الإمارات وإسرائيل وتشاد تدعم قائد قوات الدعم السريع ( حميدتي ) ، من ناحية أخرى تقف مع قائد الجيش السوداني كل من مصر وقطر
بداية الصراع ومالآته
السودان بلد بطبيعته متعدد القبائل والأعراق ، منها العربية ومنها غير ذلك ، وهذا يفسر جزئيا النزاع وعمليات الإصطفاف وتعدد الولاءات
يذكرنا القتال والإحتراب الحالي في السودان ، بما جرى قبل سنوات في دولة جنوب السودان ، حينما حدث خلاف بين رئيس دولة جنوب السودان ( سلفاكير ) ونائبه ( رياك مشار )
أدى إلى صراع مسلح مزق الجنوب وراح ضحيت حوالي 50 ألف شخص
في بداية الأحداث طالبت قوى سودانية مدنية بعملية تحول ديمقراطي حقيقي ، ثم قبلوا بمرحلة إنتقالية يشارك فيها العسكر بالحكم
كما طالبوا بحل ميليشيات مايسمى ( الدعم السريع ) ، وكانت نقطة التحول عندما طالب عبدالفتاح برهان رئيس المجلس العسكري بدمج قوات الدعم السريع قي الجيش والتي تدين بالولاء فقط لقائدها
وهنا بدأت التوترات بين الرجلين ، ثم تحولت لأعمال عنف
فقد قال البرهان عن حميدتي بأنه مجرم وإنقلابي ، في حين أتهم حميدتي قائد الجيش بأنه مخترق من النظام البائد والكيزان
في النهاية ، هناك سيناريوهات من المرجح أن يحدث أحدهم ومنها :
- إنتصار أحد الأطراف عسكريا على الآخر ، والإنفراد بالسودان
- التوصل لهدنة وحل يعيد الوضع السابق
- تقسيم السودان لمنطقتي نفوذ ( كما حدث لليبيا )
- خروج العسكر من المشهد وعودة القوى المدنية
نرجو ونأمل بأن يحل السلام والوئام على أشقائنا الطيبين في السودان ، فهم يستحقون مستقبلا أفضل .
اقرأ أيضا :
حرب غزة : هل تخلت إيران عن حماس ؟