في البداية يجب الإقرار أن الرئيس التركي أوردغان لايملك مبادئ سياسية واضحة ، وهذا عكس مايظهر من تصاريحه الصاخبة
فهو يتصف بالبراغماتية ، ويساوم اللاعبين الكبار دوما لتعزيز مكانة بلاده وحكمه
هذا يجعل منه رجل سياسي لايطاق ، ولكن السياسيين الآخرين مجبرين على تحمله ، إما لتحييد القوة التركية أو ضمها لمعسكرهم
فلتركيا موقع جغرافي هام ، مع خزان بشري وجيش هو الأكبر في حلف الأطلسي ( الناتو )
ومن ناحية أخرى لفهم السياسة التركية ، فلا بد لنا من التطرق لعقلية أوردغان
صفات الرئيس التركي أوردغان
من إحد أكثر الصفات بروزا هي حبه للابتزاز ، الشخصية الاوردغانية تجيد انتهاز الفرص ، فهو من
استخدم المهاجرين كورقة ضغط فعالة على الاتحاد الأوروبي مقابل تحصيل أموال ومساعدات
لكنه في المقابل أشترى من روسيا منظومة الدفاع الصاروخية المتطورة s400 ، علاوة على انه من القلائل الذين رفضوا تطبيق العقوبات عليها إبان حربها مع أوكرانيا
أحد الصفات الأخرى التي لم يتخلى عنها أوردغان ، هي طموحه وحزبه في جعل تركيا قوى عظمى ، كذلك عمل على استثمار المكاسب الاقتصادية
في محاولة التوسع الإقليمي ، فقام بدور فاعل في نشر وتمويل أحزاب الإسلام السياسي ، والمقاتلين الإسلاميين في مصر وليبيا وتونس
لقد ذهب أوردغان بعيدا في أحلامه ، ولم تحقق هذه المغامرات سوى نجاحات ضئيلة وانتكاسات كبيرة توجت بانقلاب عسكري كاد أن ينهي حياته
لقد أدرك أوردغان متأخرا ، أن التوسع الخارجي بحاجة لموارد ضخمة لاتملكها تركيا في ظل اقتصادها الذي بدأ في التراجع
إن الاستدارة الأخيرة لتركيا نحو خصومها ، هو اعتراف ضمني بفشل مشروع تصدير الاسلام السياسي للشرق الأوسط
هذه الأيدلوجيا الفكرية والسياسية تعتبر بوابة للنفوذ التركي على الدول الأخرى
وهنا ظهرت شخصية أخرى لأوردغان ، الشخصية المهادنة ، التي تعرف متى عليها أن تلين وتفاوض
الأمر الذي أحرج حلفاؤه ، وخصوصا قادة الإخوان المسلمين وأغضبهم ، فهم يرونه يقدم التنازل تلو الآخر لمصر
في محاولة لإنقاذ اقتصاد بلاده وضخ الأموال في استثمارات على تركيا
موقف تركيا من إسرائيل
أعاد أوردغان تطبيع العلاقات مع السعودية والإمارات ومصر ، بالإضافة إلى إسرائيل ، ويعد هؤلاء شركاء إقتصاديين لتركيا
فلم يعد أوردغان مستعدا لدفع فاتورة باهظة مقابل مواقف مبدئية ، أو ترجمة كلامه وغضبه إلى أفعال حقيقية
فبالرغم من أن تركيا هي حليف رئيسي لحركة حماس ، فإن العقوبات الغربية تمنعه من اتخاذ خطوات أكثر راديكالية
على خلاف الإيرانيين الذين تكيفوا مع العقوبات
إن المدرسة الفكرية الأوردغانية ، أصبحت نموذجا للسياسة يهتدي به بعض قادة ورؤساء الدول في الشرق الأوسط ، في سبيل تحقيق أكبر قدر من الاستقلالية .
اقرأ أيضا :
هجوم حماس وخيارات إسرائيل الصعبة